شـــــــاخ قلبـــــــــي
نزعت عن كتفي وشاح جاهليةٍ
خَرقاء, و امتطيْت فَرسِي و انطلقت به ...
و صحت بعزم : انطلق ....
انطلق ... انطلق و سطر بحوافرك حدود هجرة أبديَّة,
من جاهليةٍ باليةٍ, إلى
رفعةٍ عاليةٍ
...
اضرب بقوائمك الأرض بقوة,
فذلك ادعى للثبات, و عسى أن تُوقِظ أُناسا غرَّها صَبْر الإلهِ.
إني سمعت مناديا يقول: هناك
خلف الجبال جنان الرحمن, أعدها للمتقين المشمرين, أعدها للمؤمنين المسارعين ...
فهيا يا فرسي نحو الخلود,
سأصعد تلك الجبال و لن أعود, و أنتظر فوقها شروق شمس الجنان ...
و لما وصلت أعتاب الجبال,
سمعت صدى صوتهم, و قد ارتطم بالجبال: عودي ... عودي و لك منا وشاح جميل, مطرز
بالذهب و الإبريز.
قلت: بئس التجارة تلك,
أأبيع الجنان بوشاح الفناء ؟؟!!!!؟؟؟
و لا زلت أصعد الجبال, و
أصعد بهمة عالية, و لما اقتربت القمة ....
عدت إلى حيث أنا, في غرفتي
الواسعة المزدحمة بالأغراض. فضاقت فيها المساحات. بالكاد أجد فيها مكانا للصلاة.
أناجي الإله في الخلوات,
أشكو إليه شدة الصبر و تباطؤ الفرج.
بدأت اسمع تململ نفسي من
مصاحبة الصّبر, لكن لا ألبث أن أذكرها بنعيم الجنان, حتى تسكن و ترض.
و الروح لها لحظات يفيض
فيها الشوق حتى تهم بالرحيل و هجر الجسد, فأناديها: إلى أين ؟؟!! لم يكتمل الزاد
بعد !!! تصبري
...
تقول: و هل اكتمل الزاد
يوما ؟؟!!! لكنها لحظة الفراق لم يأذن بها الديّان. فمتى تحين و نلق الأحبة, محمدا
و صحبه, و كل حبيب على نهجه ؟؟!!!
و أرى الجسد عليل, و ما هو
بعليل, فأين أجد الدواء و الطبيب ؟!؟؟!!
قال: أسال مضغة الجسد,
فعندها التبيان و الدليل ...
ثم انطلقت أتحسس القلب:
فإذا به جالس في زاوية, هادئ حزين ...
قلت له: افتني في أمرك ؟؟!!
قال: قد علمت أنها دنيا
ملعونة, فعجبت من حال من يركض يطلبها.
ونظرت في حال النفس و الروح
معا, فدوما أكون القاضي بينهما.
و أما الجسد فقد أكسبني
ذنوبا لا قبل لي بها ,
و لما قل الزاد و المورد, و
علمت عظيم الخالق و المحشر,
و لما سمعت عن صغر السؤال و
ثقل الجواب,
و ضيق القبر و ظلمته, مرضت
.... و دب الذعر في أوصالي ...
لكن ...... لما نظرت إلى
رحمة ربي و غفرانه,
جزعت و عجزت عن التفكير, و
تهت في رحمات ربي
وسعت كل شيء, و اتسعت لكل
الخلق
....
فهنا شخت قبل الأوان, من
وسع هذه الرحمات
...
و ليس بعد المشيخ ضعف و لا
هزل, قد شخت من عظم رحمته و رحابتها ...
فلا أعظم من رحمته, حتى و
إن بلغت ذنوبي و أحزاني و همومي و مطالبي عنان السماء.
و لا أعظم من ذلك إلا أن
نقنط من رحمته سبحانه
...
بقلم : ريحانة غزة